ابو عقرب، عدسة ووشم
نشرت
3 سبتمبر 2024
مؤلف
ابو عقرب

بعدسة ابوعقرب
وين ما نشوف الحبر المحفور (الوشم ـ الدق) في الجلد في كل مكان في العالم، بنلاقيه بيلفت النظر بطريقة حلوة أو بيحمل وصمة عار إلى حد معين.

ممكن نحكي إنه هي الوصمة بلشت تتلاشى مع مرور الوقت في بلاد الشام وإنه كثير عادي الناس ترسم تصميمات مرتبة مدقوقة بالماكينات وما الها نفس وصمة العار، ولكن لسا للمجتمع نظرة دونية للشخص اللي عنده دق مش مرتب على أنه إنسان أزعر أو فاشل أو كان في يوم من الأيام مسجون.


في نوعين من الدق، العشوائي والمرتب. بالنسبة لإلي الاثنين حلوين كثير وبحكوا حكايات وقصص ومشاوير أصحابهم. الرمز الأكثر شيوعا بينهم هو العقرب، والعقرب ما تقرب.


في أغلب الأوقات في بلاد الشام والوطن العربي بتكون الكلمات والجمل الموشومة على الجلد عبارة عن رسائل صداقة عاطفية أو أسماء الأصدقاء أو علاقة الابن مع الأم أو الحبيبة. صوّرت الوشوم في شوارع المغرب وفلسطين والأردن وركزت على جرأتها وكانت الرسومات متنوعة من وجه صدام الى أجسام نساء رشيقة وممشوقة وحتى بواريد! دعم للمقاومة. استغربت من الوشوم بالعبرية بجنين والعيزرية كنوع من التحدي ضد لغة المحتل وإعادة تعريفها، على حسب أصحابهم.




بعض الناس بتخجل من دقهم مع مرور الوقت وهما حاملين تصميمات مختلفة على أجسادهم. معظم الوشوم اللي صورتها على الزلام عملوها لما كانوا صغار وطايشين أو كان الهم قناعات غير في الحياة. اليوم في كثير منهم بحس بالندم والإحراج وبغطوها باللبس الطويل. عشان هيك في ناس كثير بترفض إني أصورهم. في نفس الوقت لسا في ناس بتعتز بالفن اللي حاملينه على أجسادهم وبتقبلوا إني أصورهم.




صرت مهتم بتوثيق شو كان بيخليني أشعر بالتحدي أو بيثير فضولي من وقت كان عندي 16 سنة. بلشت أتقرب من ناس غرباء وبأشخاص مثيرين للاهتمام من وجهة نظري، طلبت تصويرهم وتسجيل تجاربهم وعادة لصور الوشوم اللي على جسمهم. لإلي كان التصوير الفوتوغرافي وسيلتي للتفاعل مع الناس بطريقة وثيقة وحميمة، وهذا التفاعل ما كان ممكن غير بهالطريقة.

تنقلت بهالعالم خلال السنين الماضية من خلال توثيق الواقع والتجارب الحياتية للناس وأكيد كان ولا يزال توثيق الوشم امتداد لهذا الشيء. بس أستفسر عن التصميمات أو عن مجموعة الكلمات اللي داققها الشخص على جسمه بنقرب لبعض وبيخلق شعور من الألفة بيننا وبهاي العملية تُكشف الذات نوعاً ما. بشوف أن توثيق الوشوم من أسرع الطرق لفهم أي شخص وكمان فهم المواقف اللي بيلاقي حاله فيها لحد ما.



قررت أبلش دراسة اللغة العربية قبل 5 سنوات لأن كنت بحس بفضول لأتعلم أكثر عن الإسلام، لكن من خلال دراستي فهمت أكتر عن الطبيعة الحقيقية للإرث الاستعماري البريطاني والآثار الدائمة للإمبريالية الغربية على العالم الي بيحكي باللغة العربية. تغيرت قيمي ونظرتي للعالم بشكل كبير, وعشان هيك قناعاتي الشخصية تغيرت وصار تصويري يركز بشكل كبير على ثقافة العالم العربي والمواضيع المحيطة بالقومية والهوية. ما بحس أن صوري بحكوا بطريقة مباشرة عن رحلتي الشخصية مع اللغة العربية، بس بعتقد أن حبي للغة والثقافة والسياسة (والخط العربي برضه) واضح فيها. دايما بعطي خلفية للصور اللي بنشرها من خلال شو اللي بكتبه كتعليق على الصورة، بس أغلبية الصور بحكوا عن نفسهم. صار واضح لإلي على الأكيد بكل هالسنين أن صورة واحدة فيها تحكي ألف كلمة.
